كل الاخبار ترصد وتحلل وتستقصي ملابسات المواطنة جاسمية والسيد الكاظمي
10-أغسطس-2022

- تحريات استقصائية ميدانية لكشف الحقيقة لتكون معيارا للتعامل مع التسريبات الاخرى
- الصحافة هي الطرف الثالث الذي ينقل الحقيقة وليس ذلك الطرف الذي يقتل المعارضين
كتب : الدكتور هاشم حسن
كنا ومازلنا نؤمن بان التحري الميداني عن المعلومة وتدقيقها بذكاء ونقلها للمتلقي بامانة بدون رتوش او تلوين دعائي يوظفها لصالح احد الاطراف او لمنافع شخصية هو المعيار الاخلاقي للصحفي الشريف الذي استامنه الراي العام لنقل الحقائق وليس تزويرها لغاية في نفس يعقوب ... والصحفي وسط هذه الصراعات المنذرة باراقة الدماء هو الطرف الثالث الذي ينقل الحقيقة بامانة وليس مثل ذلك الطرف الذي يؤجج الفتنة ويتورط في قتل الابرياء .
وللاسف الشديد شهد العقد الاول من الالفية الثالثة ثورة رقمية غير مسبوقة حطمت القيود والحدود والحواجز والفلترات التي تعتمدها انظمة الاتصالات ووسائل الاعلام التقليدية وصار بمقدور الجميع ان يسوق المعلومات ويتلقاها بارخص الاثمان وعلى مدار الساعة ولم يتبق معيار الا الضمير والمهارة والقدرة على الفرز والتحليل للوصول للمصداقية وعدم الانسياق مع الجوقة في اطار عاطفة العقل الجمعي والحكم النمطي المسبق المبرمج ذهنيا .
ولعل ما تشهده البلاد منذ عشرين عاما من حرب باردة ابطالها جيوش الالكترونية تمجد اطراف وتسقط اطراف اخرى والضحية في كل مرة الجمهور بتضليله وخداعه والحقيقة بتزيفها بجراة وبدون حياء او خجل..... وتتعالى الاصوات مع او ضد ولم نجد بينهما الا صوتا خجولا للحقيقة وللصحافة الاستقصائية الغائبة بسبب القمع وعدم وجود تشريعات لحق الحصول على المعلومات وعزوف وسائل الاعلام واغلب المنظمات من المغامرة من اجل كشف المستور وتوفير المستلزمات لهذا النوع من الصحافة الراقية العابرة للقارات والمناصرة للوطن والمواطن. ولعبت الاجندات الاجنبية و المال السياسي وملياراته دورهما في خلق منابر وواجهات اعلامية وجيوش الكترونية تحشد لمريديها ولاتتردد في تسويق خطاب الكراهية واثارة العنف وتكريس الجهل واستخدام الميكافيلية في تحقيق الاهداف وتوظيف كل المعتقدات وتحويلها لسلم لحصاد المناصب والمكاسب . وعلينا ان ندرك خطورة التوظيف السياسي للتسريبات والتي قد تقود البلاد الى اقتتال دموي وخراب لاتحمد عقباه ونحن بامس الحاجة لنخب عقلانية مستقلة وليس ببغاوات تنتظر الثواب ومنظمات جادة ومراكز اكاديمية رصينة تلعب دور المحكم والحكيم بين الاطراف المتصارعة معيارها الكشف عن الحقائق وخطابها مصلحة الوطن والمواطن وجعلهما فوق مصالح الكتل والمكونات .
نعود لقضية المواطنة جاسمية واردنا ان نرصد ميدانيا هذا الملف ونكشف عن خفاياه ليكون نموذجا يرشدنا لكيفية التعامل مع الملفات الاخرى بصفتنا الصحفية او الاكاديمية او بوصفنا مواطن يسعى لمعرفة الحقيقة....
اتفقنا مع الصحفي الشاب عقيل الشويلي رئيس تحرير جريدة ( كل الاخبار ) لتتبع هذا الملف الكترونيا وميدانيا وبدات خطوتنا الاولى لجمع وحصر الاخبار ومقاطع الفديو التي نشرت وروج لها عبر المواقع الالكترونية والفضائيات بمختلف تسمياتها واكتشفنا بوضوح وجود محور يساند مصداقية رئيس الوزراء وعبر تغريدات ومقاطع فديو وصفحات شخصية وهنالك من يشكك ويكذب واظهروا مقاطع فديو اخضعناها للفحص تاكد صحتها بدون فبركة تتحدث فيها الحجية جاسمية بانها لم تتلق من الكاظمي على الرغم من وعوده العلنية الا (جدر الشوربة اليتيم ). وبعد ذلك نشرت صفحة شخصية فواتير شراء المواء من احدى المحلات التجارية وبصمة ابهام استلام المواطنة جاسمية لهذه المواد. التي تصل قيمتها لمليون و800 الف دينار عراقي من اصل المكافاة البالغة خمسة ملايين دينار لاغراض العلاج والاحتياجات الاخرى وادرجت في القائمة المواد الاتية : ثلاجة ’ غسالة ’ طباخ , مبردة ، شاشة بلازمة ، براد ماء , سخان , قنينة غاز مع منظم .
خطوتنا الثانية انا والزميل الشويلي توجهنا لمنطقة الجكوك للبحث عن سكن المواطنة جاسمية وبعد ساعات من التحري والسؤال قادنا البعض من الناس الطيبين لمكان المواطنة وظهر لنا باب من الصفحيح يفضي لممر طويل في نهايته غرفة صغيرة كانت تتوسطها على فراش بسيط المواطنة المذكورة واستقبلتنا مع ولدها احمد بالترحاب والمودة والدعاء وكررنا عليها وعلى ولدها هل استلمتي من رئيس الوزراء الكاظمي ما وعدك فيه من تلبية احتياجات ...؟ وهل تكذيبك الذي ظهر في مقطع فديو صحيح ام مفبرك ...؟ قالت (ما قلته صحيح ولم اقبض من الكاظمي الا جدر الشوربة لم استلم نقدا ولم استلم مواد كهربائية وامامكم مكان اقامتي فتشوه فلن تجدوا مادة واحدة مما سجلت في قائمة الشراء ) ..
غادرنا المكان للبحث عن معرض (الازهران )لبيع الاجهزة الكهربائية في مدينة الشعلة وصلنا لموقع المعرض واستقبلنا صاحبه احسن الاستقبال وتفهم طبيعة مهمتنا و تعاون لدرجة كبيرة واكد ان المواد المذكورة في قائمة الشراء صحيحة وتمت مطابقتها مع الاصل في دفتر الوصولات وجرى الشراء بتاريخ 23 - 3 - 2022 قبل بث المقابلة بعدة ايام وتبين ان الشراء تم من خلال مواطن لم يعلن عن اسمه ولم يذكر انه من مكتب رئيس الوزراء ، كما ظهر في التاييد الخطي وبصمة ابهام المواطنة وتقر انها قبضت خمسة ملايين دينار بضمنها قيمة المواد الكهربائية .. وتمكنا بالتعاون مع صاحب المحل من استدعاء المواطن رائد وهو صاحبة ستوتة واكد لنا جازما بانه هو الذي قام بايصال المواد لبيت المواطنة وهو على استعداد لمواجهتها واعرب عن استغرابه لهذا الانكار ...... ولم يتسن لنا معرفة اسباب هذا الاجراء وحاولنا اكثر من مرة التواصل مع مكتب رئيس الوزراء وفي مقدمتهم مستشاريه مشرق عباس وحيدر حماده وابلاغناهم الهدف من السؤال وللاسف تنكر الاصدقاء لنا وتجاهلوا مكالمات ورسائلنا و طبيعة مهمتنا الصحفية ويفترض حرصهم لتنوير الراي العام وحماية سيدهم من هذه الاتهامات.
واخيرا نعترف بحاجتنا للمزيد من التحري لتاكيد او نفي بعض الفرضيات ومنها هل استلمت المواطنة المبالغ النقدية والمواد الاخرى كما اقرت في التاييد .....؟ وكنا بحاجة لمطابقة البصمة مع الواقع.... واذا ماتم ذلك فما سر الاصرار على الانكار علنا وهل هنالك طرف ثالث في القضية ...؟ وما هوية الشخص الذي قام بمهمة الشراء والتسليم ولماذا لم يكشف عن هويته ..؟
ونكرر اخيرا ان الصحافة المحترمة هي نظام من التحري الميداني والوصف الصادق للوقائع بموضوعية وامانة وبدون ذلك لن تشفع للصحفي والمحلل السياسي شهادته العليا او القابه الرنانة ... لننا نتابع ما الذي ستقودنا اليه التسريبات وعمليات توظيفها لاحداث فوضى تحرق الاخضر واليابس.